اكتوبر
2024
تم في مثل هذا اليوم حدوث وقعة الربض ضد الأمير الحكم بن هشام.
نشبت ثورة بقرطبة في 25 مارس عام 818 وهي وقعة الربض حيث قام بها أهل قرطبة خاصتاً سكان حي الربض ضد الأمير الحكم بن هشام ، حيث يوجد ثلاثة احداث متتالية هي التي ادت الي اشتعال تلك الثورة أولها زيادة الضرائب عليهم ثم قيام الحكم بقتل عشرة من رؤوس البلد وصلبهم منكوسين ثم قيام أحد الجنود بقتل أحد أهل المدينة لأنه طالبه بثمن صقل سيفه، فهاج أهل قرطبة عند هذه الحادثة وكان أول من هاج منهم أهل منطقة الربض حيث كان معظم اهلها فقهاء ورأي هؤلاء الفقهاء ان أميرهم لا يصلح أن يحكم الناس ولا يجوز أن يكون مثله سلطان المسلمين وكان هذا رأي عالمين هما: طالوت المعافري ويحيى بن يحيى الليثي ، فدعا العالمان إلى عزل هذا الأمير الذي لا يصلح للحكم مما جعل الناس ينتظرون فرصة مواتية للهياج والثورة. تسبب قتل الحكم بن هشام لجماعة من أعيان قرطبة كره أهلها له وصاروا يتعرضون لجنده بالأذى والسب إلى أن بلغ الأمر بالمحتجين أنهم كانوا ينادون عند انقضاء الأذان: الصلاة يا مخمور الصلاة وشافهه بعضهم بالقول وصفقوا عليه بالأكف فشرع في تحصين قرطبة وعمارة أسوارها وحفر خنادقها وارتبط الخيل على بابه واستكثر المماليك ورتب جمعًا لا يفارقون باب قصره بالسلاح فزاد ذلك في حقد أهل قرطبة وتيقنوا أنه يفعل ذلك للانتقام منهم ، ثم وضع عليهم ضريبة، وهي عشر الأطعمة كل سنة من غير حرص فكرهوا ذلك ثم عمد إلى عشرة من رؤساء قادتهم فقتلهم وصلبهم فهاج لذلك أهل الربض وانضاف إلى ذلك أن مملوكًا له سلم سيفًا إلى صقيل ليصقله فمطله فأخذ المملوك السيف فلم يزل يضرب الصقيل به إلى أن قتله.
اجتمع أهل الربض جميعهم بالسلاح حيث انهم أول من شهر السلاح واجتمع الجند والأمويون والعبيد بالقصر وفرق الحكم الخيل والأسلحة وجعل أصحابه كتائب ووقع القتال بين الطائفتين فغلبهم أهل الربض وأحاطوا بقصره فنزل الحكم من أعلى القصر ولبس سلاحه وركب وحرض الناس فقاتلوا بين يديه قتالًا شديدًا ، ثم أمر ابن عمه عبيد الله فثلم في السور ثلمة وخرج منها ومعه قطعة من الجيش وأتى أهل الربض من وراء ظهورهم ولم يعلموا بهم فأطلقو النار في الربض وانهزم أهله وقتلوا مقتلة عظيمة وأخرجوا من وجدوا في المنازل والدور فأسروهم فانتقى من الأسرى ثلاثمائة من وجوههم فقتلهم وصلبهم منكسين وأقام النهب والقتل والحريق والخراب في أرباض قرطبة ثلاثة ايام ، ثم استشار الحكم عبد الكريم بن عبد الواحد بن عبد المغيث ولم يكن عنده من يوازيه في قربه فأشار عليه بالصفح عنهم والعفو وأشار غيره بالقتل فقبل قوله وأمر فنودي بالأمان على أنه من بقي من أهل الربض بعد ثلاثة أيام قتلناه وصلبناه ولما انقضت الأيام الثلاثة أمر الحكم بكف الأيدي عن حرم الناس وجمعهن إلى مكان وأمر بهدم الربض القبلي وكان بزيع مولى أمية ابن الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن شهام محبوسًا في حبس الدم بقرطبة في رجليه قيد ثقيل فلما رأى أهل قرطبة قد غلبوا الجند سأل الحرس أن يفرجوا له فأخذوا عليه العهود إن سلم أن يعود إليهم وأطلقوه فخرج فقاتل قتالًا شديدًا لم يكن في الجيش مثله فلما انهزم أهل الربض عاد إلى السجن فانتهى خبره إلى الحكم فأطلقه وأحسن إليه.
ونودي بالامان على اهل الربض شريطة ان يرحل المشتركون في الثورة عن قرطبة مع اهلهم وعيالهم وقام الحكم بهدم الربض بأكمله وصيره على عظمه واصالة بنائه مزرعة وتفرق اهل الربض في جميع أنحاء الاندلس وسكن آخرون في مناطق أخرى.
أضف تعليق