نوفمبر
2024
في مثل هذا اليوم من عام 1916 قام توماس إدوارد لورانس Thomas Edward Lawrence وهو عضو جديد للمكتب الحكومة البريطانية للشؤون العربية خلال الحرب العالمية الأولى، بنشر تقريراً مفصلاً لتحليل التمرد بقيادة الزعيم العربي شريف حسين ضد الإمبراطورية العثمانية في أواخر عام 1916. كطالب وعالم آثار والذي أصبح "لورانس العرب" فيما بعد، سافر لورانس إلي سوريا ومصر وفلسطين وأجزاء من تركيا قبل البدء فى العمل رسمياً في مكتب الحكومة البريطانية للشؤون العربية في عام 1916.
وفي ذلك الوقت كان المكتب يعمل على تشجيع التمرد العربي والاسلامي ضد الامبراطورية العثمانية لصالح الحلفاء. وكان زعيم التمرد المخطط له هو شريف حسين بن على حاكم الحجاز. وأملاً في البقاء على الحياد وجمع الرشاوى من كلا الجانبين، لم يتخذ حسين قراراً بشأن الحرب حتى أبريل 1916 إلا عندما علم أن القادة العثمانيين كانوا قد أرسلوا قوات ألمانية تركية لتنحيته. ولذلك بدأ حسين الهجوم أولاً بإعلان الثورة في الحجاز في الفترة مابين 5 و 10 يونيو وطلب الحماية من البحرية الملكية البريطانية على طول الساحل من الحجاز.
وفي الوقت نفسه تقريبا، وبناءاً على اقتراح لورنس، نشر المكتب العربي نشرة إعلامية الأولى، تضم ملاحظات وافكار المنظمين البريطانيين و أنصار الثورة التى قام بها حسين. وسرعان ما أصبح واضحاً، وذلك طبقاً لما ورد بالنشرة العربية، أن البريطانيين اعتبروا ان ثورة الحسين فشلت فشلا ذريعا. وفي تقريره في 26 نوفمبر 1916، قدم لورانس تحليله للوضع قائلاً "أعتقد أن شركة واحدة من الأتراك، من شأنها أن تهزم جيوش الشريف، فقيمة القبائل دفاعية فقط، ومجالها الحقيقي هو حرب العصابات، فهم يتصرفون بفردية ولا يستطيعوا تحمل الأوامر، أو القتال حسب خطة محددة، أو مساعدة بعضهم البعض، فأنا أعتقد أنه من المستحيل جعلهم كقوة منظمة."
وعلى الرغم من وجهة نظره الساخرة في قوات حسين، إلا أن لورانس أبدا إعجابه بالشريف نفسه وبأبنائه الثلاثة أيضاً على، وفيصل وعبدالله مشيدا بهم كأبطال. أصبح لورانس على مقربة من فيصل على وجه الخصوص، وبحلول ديسمبر 1916 انضم للقوات العربية في هذا المجال، حيث أمضى بقية الحرب فى محاولات -بدرجات متفاوتة من النجاح- لتنظيم رجال القبائل المختلفة في وحدات القتال التي من شأنها أن تشكل تهديداً حقيقياً للعدو العثماني.
في مؤتمر السلام الذى عقد بعد الحرب العالمية الأولى في باريس في عام 1919، تم يتم منح الاستقلال التام للشعوب العربية المختلفة، ووضعت بدلا منها تحت السيطرة البريطانية والفرنسية وفقا لنظام ولاية فرضتها معاهدة فرساي. وفي الوقت الذي يتوج فيصل ملكاً للعراق، فإن حسين فقد سلطته على مكة والحجاز لصالح القبائل السعودية المنافسه له فى أوائل العشرينات. وفي الوقت نفسه، لورانس - الذي كان قد رافق الوفد العربي لفيصل حسين إلى فرساي - استقال من منصبه في مكتب بريطانيا الاستعماري في الشرق الأوسط، لأنه شعر باشمئزاز وخيبة أمل من فشل الحلفاء للوفاء بوعدها بشأن الاستقلال العربي. وقد عاش لورانس بقية حياته في غموض، وتوفي في حادث دراجة نارية في عام 1935.
أضف تعليق