نوفمبر
2024
ولد إبراهيم هنانو في بلدة كفر تخاريم في محافظة إدلب غربي حلب في سوريا حيث نشأ في أسرة غنية وكان والده سليمان آغا أحد أكبر أثرياء مدينة كفرتخاريم ووالدته كريمة الحاج علي الصرما من أعيان كفر تخاريم. أتم الدراسة الابتدائية في كفر تخاريم ثم انتقل إلى حلب حيث أتم دراسته الثانوية.
بعد إنهاء دراسته عين مديرا للناحية في ضواحي استانبول لمدة ثلاث سنوات. بعد انقضاء هذه المدة تم تعينه قائم مقام بنواحي أرضروم ليبقي فيها أربع سنوات ثم ليتم تعينه بعدها قاضي تحقيق في كفر تخاريم حيث بقي فيها ما يقارب الثلاث سنوات. انتخب عضوا في مجلس إدارة حلب لمدة أربع سنوات وعين بعدها رئيسا لديوان الولاية لمدة سنتين وذلك عند رشيد طليع والي حلب والذي شجعه على الثورة في الشمال بالتنسيق مع الملك فيصل وتم انتخابه ممثلا لمدينة حلب في المؤتمر السوري الأول في دمشق في دورة (1919 - 1920).
قام هنانو بجمع أثاث بيته وأحرقه معلنا بداية الثورة وقال جملته المشهورة: لا أريد أثاثاً في بلد مُستعمر. قامت فرق المجاهدين التابعة له بإزعاج الفرنسين محققة نجاحات ضخمة فذاع صيت هنانو وكثر مريديه بل حتى ان إبنته طلبت خمسة رؤوس لجنود فرنسيين كمهر لها. قام الأمير فيصل بالتوقيع على معاهدة الانتداب مع فرنسا في عام 1920 الأمر الذي رفضه الكثير من السوريين حيث تصادم مع عبد الرحمن الشهبندر قائلا أنا من سلالة النبي فرد الشهبندر: وانا ابن هذا البلد وأرفض كل وصاية وأطالب بتشكيل حكومة قومية ثورية. إلا أن محمد كرد علي ساند الأمير وإندلع الخلاف بين السوريين.
أصبح وضعه بعد فترة صعبا بسبب حاجته الماسة للسلاح والعتاد فقد كان الضغط الفرنسي كبيرا فاضظر إلى الاستعانة بأصدقائه في تركيا لطلب العون مما أمن له سلاحا وذخيرة كانت كافية لإلحاق أضرار فادحة بالفرنسيين في جميع المواجهات سواء من ناحية الأفراد أو العتاد. يبلغ عدد المواجهات بين الطرفين الاتي قادها بنفسه سبعا وعشرين معركة بل أنه في معركة مزرعة السيجري استطاع أسر جنود فرنسيين وقام باسترداد مناطق واسعة من السيطرة الفرنسية منها منطقته التي ولد بها كفر تخاريم. قام الفرنسيون على إثر ذلك بدخول دمشق ومن ثم حلب لقمع الثورة ولجأ هنانو وقواته إلى جبل الزاوية ضمن المنطقة المحصورة بين حماة وحلب وإدلب فقام الكثير بلإنضمام إلبه هنالك مما سمح له بإنشاء قاعدة عسكرية ولتصبح المنطقة مقرا له.
أطلق عليه أتباعه لقب المتوكل على الله بسبب قوله توكلنا على الله كلما ذهب مع قواته للإغارة على الفرنسيين.
بعد القبض علي هنانو قدم إلى محكمة الجنايات العسكرية الفرنسية بتهمة الإخلال بالأمن والقيام بأعمال إجرامية وعقدت المحاكمة أول جلساتها في ظل إجراءات أمنية مشددة وترافع فتح الله الصقال أبرز محامي حلب للدافع عن هنانو حيث أظهر ان التهمة باطلة كون هنانو خصم سياسي وليس مجرما بدليل أن الفرنسيين قبلوا بالتفاوض معه مرتين ووقعوا معه هدنة. عندما قال رئيس المجلس العرفي العسكري للزعيم هنانو: إن الشعب السوري لم يطلب منك إعلان الثورة وبدون إذن من الرئيس وقف سعد الله الجابري وقال: "إننا نحن الذين طلبنا من الزعيم هنانو مقاتلتكم ونحن لن نتخلى عن مقاتلتكم مادام فينا وطني واحد حتى تخرجوا من بلادنا".
في 25 مارس 1922م طالب النائب العام الفرنسي المحكمة بإعدامه قائلا "لو أن لهنانو سبعة رؤوس لطلبت قطعها جميعاً"· لكن القاضي الفرنسي أطلق سراح هنانو معتبراً ثورته ثورة سياسية مشروعة معلنا استقلالية السلطة القضائية الفرنسية عن السلطة العسكرية.
قصد الزعيم إبراهيم هنانو قريته "السيدة عاتكة" للإشراف على بعض أعماله الزراعية هناك قبل الذهاب إلى دمشق بعد أن استأجر بيتاً للإقامة فيها خلال فصلي الشتاء والربيع. كان الزعيم يتمتع بكامل صحته وفي صباح الخميس الثاني عشر من تشرين الثاني 1935م تناول قهوته ثم قصد إلى كرم زيتون ليشرف على العمال ويتريض قليلاً. لكنه أحس بشيء من البرد والألم فعاد إلى غرفته وما لبث الألم أن اشتد عليه فأرسل ابنه طارق إلى حلب ليحضر له سيارة تنقله إلى حلب. حين تأخر طارق في العودة أمسك الزعيم ساعة وصار يعد نبضه وحين شعر أن عدد نبضاته يتجاوز المائة ألقى الساعة من يده وقال لمن حوله: "قولوا لإخوتي الوطن بين أيديهم". توفي في يوم الخميس الموافق 21 نوفمبر 1935م وصلي عليه في الجامع الأموي بحلب.
أضف تعليق