نوفمبر
2024
حدث فى مثل هذا اليوم من عام 923 توفي العالم أبو بكر الرازي وهو عالم وطبيب وفيلسوف فارسي، درس الرياضيات والطب والفلسفة والفلك والكيمياء والمنطق والأدب. أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي موليد عام 865 في مدينة الري بإيران وهو أحد أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق حيث ألف كتاب الحاوي في الطب الذي يضم كل المعارف الطبية منذ أيام الإغريق حتى عام 925م وظل المرجع الطبي الرئيسي في أوروبا لمدة 400 عام بعد ذلك التاريخ.
لقد سجل مؤرخو الطب والعلوم في العصور الوسطى آراء مختلفة ومتضاربة عن حياة العالم أبي بكر الرازي، ذلك الطبيب الفيلسوف الذي تمتاز مؤلفاته وبعضها باللغة العربية، بأصالة البحث وسلامة التفكير.بعد إتمام دراساته الطبية في بغداد، عاد الرازي إلى مدينة الري بدعوة من حاكمها، ليتولى إدارة مستشفى الري. وقد ألّف الرازي لهذا الحاكم كتابه "المنصوري في الطب" ثم "الطب الروحاني" وكلاهما متمم للآخر، فيختص الأول بأمراض الجسم، والثاني بأمراض النفس. واشتهر الرازي في مدينة الري، ثم انتقل منها ثانية إلى بغداد ليتولى رئاسة مستشفي المعتضدي الجديد، الذي أنشأها الخليفة المعتضد بالله.
كان الطبيب في عصر الرازي فيلسوفاً، وكانت الفلسفة ميزاناً توزن به الأمور والنظريات العلمية التي سجلها الأطباء في المخطوطات القديمة عبر السنين وكان الرازي مؤمنا بفلسفة سقراط الحكيم فيقول "أن الفارق بينهما في الكم وليس في الكيف" ويدافع عن سيرة سقراط الفلسفية فيقول "أن العلماء إنما يذكرون الفترة الأولى من حياة سقراط، حينما كان زاهدا وسلك طريق النساك" ثم يضيف "أنه كان قد وهب نفسه للعلم في بدء حياته لأنه أحب الفلسفة حبا صادقا، ولكنه عاش بعد ذلك معيشة طبيعية". وكان مؤمناً أن إستمرار التقدم في البحوث الطبية لا يتم إلا بدراسة كتب الأوائل، حيث ذكر ذلك في كتابه "المنصوري في الطب ". وللرازي إسهامات في مجال علوم الفيزياء حيث اشتغل بتعيين الكثافات النوعية للسوائل، وصنف لقياسها ميزاناً خاصاً أطلق عليه اسم (الميزان الطبيعي). ويظهر فضل الرازي في الكيمياء، بصورة جلية، عندما قسم المواد المعروفة في عصره إلى أربعة أقسام : المواد المعدنية، المواد النباتية، المواد الحيوانية والمواد المشتقة. كما قسّم المعادن إلى أنواع، بحسب طبائعها وصفاتها، وحضّر بعض الأحماض وما زالت الطرق التي اتّبعها في التحضير مستخدمة إلى الآن كما أنه أول من ذكر حامض الكبريتيك Sulfuric acid الذي أطلق عليه اسم (زيت الزاج oil of vitriol) أو (الزاج الأخضر) و أستخلص الكحول بتقطير مواد نشوية وسكرية مختمرة. وكان يفيد منه في الصيدلية من أجل استنباط الأدوية المتنوعة.
يزيد عدد كتب الرازي على المئتي كتاب في الطب والفلسفة والكيمياء وفروع المعرفة الأخرى. ويتراوح حجمها بين الموسوعات الضخمة والمقالات القصيرة ويجدر بنا أن نوضح هنا الإبهام الشديد الذي يشوب كلا من "الحاوي في الطب" و"الجامع الكبير". وقد أخطأ مؤرخو الطب القدامى والمحدثون في اعتبار هذين العنوانين كأنهما لكتاب واحد فقط، وذلك لترادف معنى كلمتي الحاوي والجامع. كما كتب الرازي أيضا في مجال الأديان التي انتقدها، وقد خصص عبد الرحمن بدوي الفصل الأخير من كتابه (من تأريخ الإلحاد في الإسلام) لآراء الرازي الفلسفية في نقد الأديان. إلا أن الرازي لم ينكر وجود الله بل أقر بوجوده، وقال بأنه منح العقل للإنسان ليفكر به. أمضى الرازي السنوات الأخيرة من حياته بمدينة الري، وكان قد أصابه الماء الأزرق في عينيه، ثم فقد بصره وتوفى في مسقط رأسه فى 19 نوفمبر عام 923.
أضف تعليق