نوفمبر
2024
عندما سمع المصريون بهزيمة الفرنسيين أمام أسوار عكا وقدوم أسطول العثمانيين إلي أبي قير استجمعوا قوتهم وثاروا علي المحتل يوم 22 أكتوبر 1798 أي بعد حوالي 4 أشهر من قدوم الاحتلال ويمكن تلخيص أسباب خروجهم في الآتي:
قتل الفرنسيس للسيد محمد كريم حاكم الاسكندرية لاتهامه بالعمل ضد الوجود الفرنسي في مصر
فرض الفرنسيين ضرائب علي الشعب و تدقيقهم في إحصاء الممتلكات الشخصية
هدم نابليون لابواب الحارات
انهزام الفرنسيين في موقعة النيل أمام الاسطول الإنجليزي وسماع المصريين بأن الباب العالي أرسل جيشاً لفتح مصر
خرج المصريون بكل ما لديهم من سلاح وشوم وحراب علي الجنود الفرنسيين يقتلوهم. وتحصنوا بأسوار الحارات وفي الأزقة ونصبوا المتاريس علي مداخلها. ولكن فاتهم أن يحتلوا الأماكن المرتفعة المطلة علي الحارات. فسارع نابليون باحتلالها ونصب مدافعه فوق مآذن جامع السلطان حسن وانهالت القنابل منه ومن القلعة علي جامع الأزهر مبعث الثورة وكل ما يحيطه من بيوت و حوانيت.
استمر الضرب حتي المساء حتي تدخل اعضاء الديوان الذي شكله نابليون من المشايخ المتعاونين مع الفرنسيين فركب المشايخ إلي كبير الفرنسيس ليرفع عنهم هذا النازل ويمنع عسكره من الرمي المتراسل ويكفهم ما انكف المسلمون عن القتال. فقبل نابليون وقف الضرب ولكنه أرسل جنوده إلي الأزهر فدخلوا الجامع يخيولهم عنوة وربطوها بصحنه وكسروا القناديل وحطموا خزائن الكتب ونهبوا ما وجدوه من متاع. ولم يخرجوا منه إلا بعد أن ركب الشيخ محمد الجوهري إلي نابليون وطلب منه متوسلاً أن يخرج جنوده من الجامع الأزهر فقبل نابليون.
ولكن هذا المشهد البربري هو أعمق مشهد في الحملة الفرنسية طوال فترة وجودها في مصر فهو مشهد غاص في أعماق الذاكرة المصرية حتي اليوم وصبغ رؤية المصري للاحتلال الفرنسي والأوروبي بصفة عامة. حكم علي ثلاثة عشر شيخاً من الأزهر بالاعدام وأُعدم الكثير ممن قبض عليهم ومعهم سلاح وقدر عددهم بحوالي ثمانين شخصاً من قادة الثورة إلي جانب الكثيرين من عامة الشعب. كتب نابليون في مراسلاته لرينييه يقول ”في كل ليلة نقطع نحو ثلاثين رأساً أكثرها لزعماء الثورة وفي اعتقادي أن هذا سيعلمهم درساً نافعاً”
وعي المصريون الدرس وعرفوا أن الاحتلال هو الاحتلال مهما تلون بألوان مبهجة من تقدم علمي أو إداري أو تنظيمي فالتقدم إن لم يأت بأيدي وعقول أهل البلد فسوف يأتي تفضلاً من السيد المحتل إلي العبيد أو يأتي مشروطاً بخلع عباءة الهوية المصرية.
أضف تعليق