22

نوفمبر

2024

زي النهاردة / وفاه رئيس مصر الزعيم جمال عبد الناصر

في مثل هذا اليوم - ( 28 سبتمبر 1970 )

, شخصيات

أخر تحديث 25 اغسطس 2015

 

جمال عبد الناصر هو الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الذي ولد في عام ١٨٨٨ في قرية بني مر في صعيد مصر في أسره من الفلاحين ولكنه حصل على قدر من التعليم سمح له بأن يلتحق بوظيفة في مصلحة البريد بالإسكندرية وكان مرتبه يكفى بصعوبة لسداد ضرورات الحياة. التحق جمال عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبه في عامي ١٩٢٣ - ١٩٢٤. عام ١٩٢٥ دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي لمدة ثلاث سنوات وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالخطاطبه في العطلات المدرسية. علم أن والدته قد توفيت ولم يجد أحد الشجاعة لإبلاغه بموتها ولكنه اكتشف ذلك بنفسه بطريقة هزت كيانه كما ذكر لـ "دافيد مورجان" مندوب صحيفة "الصنداى تايمز" حيث أضاف: "لقد كان فقد أمي في حد ذاته أمراً محزناً للغاية أما فقدها بهذه الطريقة فقد كان صدمة تركت في شعوراً لا يمحوه الزمن. وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضاً بالغاً في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين".

التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٢٩ بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاماً واحداً ثم نقل في العام التالي ١٩٣٠ إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البوسطة هناك. فى تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي ففي عام ١٩٣٠ استصدرت وزارة إسماعيل صدقي مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور ١٩٢٣ فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور. يحكى جمال عبد الناصر عن أول مظاهرة اشترك فيها: "كنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية حين وجدت اشتباكاً بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس ولم أتردد في تقرير موقفي فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين دون أن أعرف أي شئ عن السبب الذي كانوا يتظاهرون من أجله ولقد شعرت أنني في غير حاجة إلى سؤال لقد رأيت أفراداً من الجماهير في صدام مع السلطة واتخذت موقفي دون تردد في الجانب المعادى للسلطة. مرت لحظات سيطرت فيها المظاهرة على الموقف لكن سرعان ما جاءت إلى المكان الإمدادات حمولة لوريين من رجال البوليس لتعزيز القوة وهجمت علينا جماعتهم وإني لأذكر أنى ألقيت حجراً لكنهم أدركونا في لمح البصر وحاولت أن أهرب لكنى حين التفت هوت على رأسي عصا من عصى البوليس تلتها ضربة ثانية حين سقطت ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية. في قسم البوليس أخذوا يعالجون جراح رأسي فسألت عن سبب المظاهرة وعرفت أنها مظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة في ذلك الوقت للاحتجاج على سياسة الحكومة. دخلت السجن تلميذاً متحمساً وخرجت منه مشحوناً بطاقة من الغضب". (حديث عبد الناصر مع "دافيد مورجان" مندوب "صحيفة الصنداى تايمز" ١٨/٦/١٩٦٢).

 

 



عندما رفضت الكلية الحربية قبول جمال تقدم في أكتوبر ١٩٣٦ إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة ١٩٣٦ واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصري من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم فقبلت الكلية الحربية دفعة في خريف ١٩٣٦ وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري الذي أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطاً فوافق على دخوله في الدورة التالية أي في مارس ١٩٣٧. وضع جمال عبد الناصر أمامه هدفاً واضحاً في الكلية الحربية وهو "أن يصبح ضابطاً ذا كفاية وأن يكتسب المعرفة والصفات التي تسمح له بأن يصبح قائداً" وفعلاً أصبح "رئيس فريق" وأسندت إليه منذ أوائل ١٩٣٨ مهمة تأهيل الطلبة المستجدين الذين كان من بينهم عبد الحكيم عامر وطوال فترة الكلية لم يوقع على جمال أي جزاء كما رقى إلى رتبة أومباشى طالب. التحق جمال عبد الناصر فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد في الصعيد وقد أتاحت له إقامته هناك أن ينظر بمنظار جديد إلى أوضاع الفلاحين وبؤسهم. التقى في منقباد بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات. فى عام ١٩٣٩ طلب جمال عبد الناصر نقله إلى السودان فخدم في الخرطوم وفى جبل الأولياء وهناك قابل زكريا محيى الدين وعبد الحكيم عامر وفى مايو ١٩٤٠ رقى إلى رتبة الملازم أول.


فى نهاية عام ١٩٤١ بينما كان "روميل" يتقدم نحو الحدود المصرية الغربية عاد جمال عبد الناصر إلى مصر ونقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر خلف خطوط القتال بالقرب من العلمين. ويذكر جمال عبد الناصر: "في هذه المرحلة رسخت فكرة الثورة في ذهني رسوخاً تاماً أما السبيل إلى تحقيقها فكانت لا تزال بحاجة إلى دراسة وكنت يومئذ لا أزال أتحسس طريقي إلى ذلك وكان معظم جهدي في ذلك الوقت يتجه إلى تجميع عدد كبير من الضباط الشبان الذين أشعر أنهم يؤمنون في قراراتهم بصالح الوطن فبهذا وحده كنا نستطيع أن نتحرك حول محور واحد هو خدمة هذه القضية المشتركة". وأثناء وجوده في العلمين جرت أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢ حينما توجه السفير البريطاني "السير مايلز لامسبون" ليقابل الملك فاروق بسراي عابدين في القاهرة بعد أن حاصر القصر بالدبابات البريطانية وسلم الملك إنذاراً يخيره فيه بين إسناد رئاسة الوزراء إلى مصطفى النحاس مع إعطائه الحق في تشكيل مجلس وزراء متعاون مع بريطانيا وبين الخلع وقد سلم الملك بلا قيد ولا شرط. يذكر جمال عبد الناصر أنه منذ ذلك التاريخ لم يعد شئ كما كان أبداً فكتب إلى صديقه حسن النشار في ١٦ فبراير ١٩٤٢ يقول: "وصلني جوابك والحقيقة أن ما به جعلني أغلى غلياناً مراً وكنت على وشك الانفجار من الغيظ ولكن ما العمل بعد أن وقعت الواقعة وقبلناها مستسلمين خاضعين خائفين. والحقيقة أنى أعتقد أن الإنجليز كانوا يلعبون بورقة واحده في يدهم بغرض التهديد فقط ولكن لو كانوا أحسوا أن بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم ويقابلوا القوة بالقوة لانسحبوا كأي امرأة من العاهرات. أما الجيش فقد كان لهذا الحادث تأثير جديد على الوضع والإحساس فيه فبعد أن كنت ترى الضباط لا يتكلمون إلا عن النساء واللهو أصبحوا يتكلمون عن التضحية والاستعداد لبذل النفوس في سبيل الكرامة.

شهد عام ١٩٤٥ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية حركة الضباط الأحرار ويقول جمال عبد الناصر في حديثة إلى "دافيد مورجان": "وقد ركزت حتى ١٩٤٨ على تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم من مجرى الأمور في مصر مبلغ استيائي والذين توفرت لديهم الشجاعة الكافية والتصميم الكافي للإقدام على التغيير اللازم. وكنا يومئذ جماعة صغيرة من الأصدقاء المخلصين نحاول أن نخرج مثلنا العليا العامة في هدف مشترك وفى خطة مشتركة". وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين في سبتمبر ١٩٤٧ عقد الضباط الأحرار اجتماعاً واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب ضد هذا الانتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة الدولية واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة في فلسطين.

مع بداية مرحلة التعبئة الثورية صدرت منشورات الضباط الأحرار التي كانت تطبع وتوزع سراً والتي دعت إلى إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه بجدية بدلاً من اقتصاره على الحفلات والاستعراضات كما دعت الحكام إلى الكف عن تبذير ثروات البلاد ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة وانتقدت الاتجار في الرتب والنياشين. وفى تلك الفترة اتسعت فضيحة الأسلحة الفاسدة إلى جانب فضائح اقتصادية تورطت فيها حكومة الوفد. ثم حدث حريق القاهرة في ٢٦ يناير ١٩٥٢ بعد اندلاع المظاهرات في القاهرة احتجاجاً على مذبحة رجال البوليس بالإسماعيلية التي ارتكبتها القوات العسكرية البريطانية في اليوم السابق والتي قتل فيها ٤٦ شرطياً وجرح ٧٢. لقد أشعلت الحرائق في القاهرة ولم تتخذ السلطات أي إجراء ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلى العاصمة إلا في العصر بعد أن دمرت النار أربعمائة مبنى وتركت ١٢ ألف شخص بلا مأوى وقد بلغت الخسائر ٢٢ مليون جنيهاً. فى ذلك الوقت كان يجرى صراعاً سافراً بين الضباط الأحرار وبين الملك فاروق فيما عرف بأزمة انتخابات نادي ضباط الجيش حيث رشح الملك اللواء حسين سرى عامر المكروه من ضباط الجيش ليرأس اللجنة التنفيذية للنادي وقرر الضباط الأحرار أن يقدموا قائمة مرشحيهم وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب للرياسة وقد تم انتخابه بأغلبية كبرى وبرغم إلغاء الانتخاب بتعليمات من الملك شخصياً إلا أنه كان قد ثبت للضباط الأحرار أن الجيش معهم يؤيدهم ضد الملك فقرر جمال عبد الناصر رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار تقديم موعد الثورة التي كان محدداً لها قبل ذلك عام ١٩٥٥ وتحرك الجيش ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبري القبة وإلقاء القبض على قادة الجيش الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبر عنها. بعد نجاح حركة الجيش قدم محمد نجيب على أنه قائد الثورة وكان الضباط الأحرار قد فاتحوه قبلها بشهرين في احتمال انضمامه إليهم إذا ما نجحت المحاولة إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مجلس قيادة الثورة الذي كان يرأسه جمال عبد الناصر حتى ٢٥ أغسطس ١٩٥٢ عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبد الناصر. وبعد نجاح الثورة بثلاثة أيام أي في ٢٦ يوليه أجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد ومغادرة البلاد وفى اليوم التالي أعيد انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار.

تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد نجيب على رئاسة الجمهورية إلى أن جرت محاولة لاغتيال جمال عبد الناصر على يد الإخوان المسلمين عندما أطلق عليه الرصاص أحد أعضاء الجماعة وهو يخطب في ميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤ وثبت من التحقيقات مع الإخوان المسلمين أن محمد نجيب كان على اتصال بهم وأنه كان معتزماً تأييدهم إذا ما نجحوا في قلب نظام الحكم. وهنا قرر مجلس قيادة الثورة في ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر. وفى ٢٤ يونيه ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقاً لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦ أول دستور للثورة. وفى ٢٢ فبراير ١٩٥٨ أصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا وذلك حتى مؤامرة الانفصال التي قام بها أفراد من الجيش السوري في ٢٨ سبتمبر ١٩٦١. ظل جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.

أضف تعليق

الأكثر قـراءة
أحداث اليوم