نوفمبر
2024
اتفق الأسبان والفرنسيون على الزحف إلى الريف بهدف تحقيق اتصال عسكري بين الدولتين وخرق الريف وتقسيم قواته إلى جزأين وهو ما يعرضهم لموقف عسكري بالغ الحرج إلا أن قدوم الشتاء ببرودته أجَّل هذا الزحف وبعض العمليات العسكرية وخسر الخطابي في تلك المعارك حوالي 20 ألف شهيد وبقي بجانبه حوالي 60 ألف مقاتل.
اتسعت الحرب في (1344هـ = 1926م) وتجدد الزحف والتعاون العسكري التام بين باريس ومدريد مع تطويق السواحل بأساطيلهما وقلة المؤن في الريف لأن معظم المقاتلين في صفوف الخطابي من المزارعين وهؤلاء لم يعملوا في أراضيهم منذ أكثر من عام وهم يقاتلون في جبهة تمتد إلى أكثر من 300 كم.
ولجأ الفرنسيون إلى توجيه دعوة للقبائل لعقد صلح منفرد مع فرنسا أو أسبانيا في مقابل الحصول على حاجاتهم من الطعام فوجد الخطابي أن الحكمة تقتضي وقف القتال رحمة بسكان الريف وقبائله قبل أن تلتهمهم الحرب وقبلها الجشع الفرنسي والأسباني.
وقد فكر الخطابي أن يخوض بنفسه معارك فدائية دفاعا عن الريف ودينه إلا أن رفاقه الأوفياء منعوه ونصحوه بالتفاوض فقرر أن يحصل لبلاده ونفسه على أفضل الشروط، وألا يكون استسلامه ركوعا أو ذلا ورأى تسليم نفسه للفرنسيين على أنه أسير حرب واقتحم بجواده الخطوط الفرنسية في مشهد رائع قلّ نظيره في (12 ذي القعدة 1344هـ = 25 مايو 1926م) واستمر القتال بعد فترة.
أما هو فنفته فرنسا إلى جزيرة ريونيون النائية في المحيط الهادي على بعد 13 ألف كيلو متر من موطنه الذي شهد مولده وجهاده.
وطال ليل الأسر والنفي بالخطابي وأسرته وبعض أتباعه نيفا وعشرين سنة قضاها في الصلاة وقراءة القرآن الكريم في تلك الجزيرة الصخرية عانى فيها قلة المال فآثر أن يعمل بيديه لتأمين معيشته هو وأسرته فاشترى مزرعة وجاهد فيها كسبا للعيش ولم تفلح محاولاته بأن يرحل إلى أية دولة إسلامية لأن فرنسا كانت تعلم أن الرجل يحمل شعلة الوطنية المغربية.
في عام (1367هـ == 1947م) قررت فرنسا نقل الخطابي وأسرته إليها غير أنها استجارت من الرمضاء بالنار فعندما وصلت الباخرة التي تقله إلى ميناء بورسعيد التجأ إلى السلطات المصرية فرحبت القاهرة ببقاء هذا الزعيم الكبير في أراضيها واستمر بها حتى وفاته في (1382هـ == 1963م).
أضف تعليق